الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس **
585 - أمرتُ أن أحكُمَ بالظاهر، والله يتولى السرائر. قال في اللآلئ: هو غير ثابت بهذا اللفظ، ولعله مروي بالمعنى من أحاديث<صفحة 221 > صحيحة ذكرتها في الأقضية من الذهب الإبريز. وقال في المقاصد اشتهر بين الأصوليين والفقهاء بل وقع في شرح مسلم للنووي في قوله صلى الله عليه وسلم إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشُقَّ بطونهم ما نصه: معناه إني أمرت بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انتهى، قال ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وجزم الحافظ العراقي بأنه لا أصل له، وكذا المزي وغيره، وقال القاري وممن أنكره الحافظ ابن الملقن في تخريج أحاديث البيضاوي، وقال الزركشي لا يعرف بهذا اللفظ، وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تخريج أحاديث المختصر لم أقف له على سند، نعم في صحيح البخاري عن عمر إنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، وفي مسلم عن أبي سعيد رفعه إني لم أؤمر أن أنقب - الحديث المار قريبا، وفي المتفق عليه عن أم سلمة إنكم تختصمون إليَّ فلعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا، فيؤخذ منه معناه كما قال ابن كثير وترجم له النسائي باب الحكم للظاهر، وقال الإمام الشافعي عقب إيراده في الأم، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأنه إنما يقضي بالظاهر، وأنَّ أمر السرائر إلى الله تعالى، ثم قال في المقاصد تبعا لشيخه الحافظ: ظن بعض من لا يُمَيِّزُ هذا حديثا منفصلا عن حديث أم سلمة، فنقله كذلك ثم قلده مَن بعده، ولهذا يوجد في كتب كثيرين من أصحاب الشافعي دون غيرهم حتى ذكره الرافعي في القضاء، وقال الشافعي في الأم وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: تولى الله منكم السرائر، ودَرَأ عنكم بالبينات، وقال ابن حجر المكي في التحفه بعد نقل ما تقدم وما سيأتي عن ابن عبد البر: وبهذا كله يتبين رد إطلاق أولئك الحفاظ بأنه لا أصل له، وقال قبله جزم الحافظ العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره المزي وغيره، وقال ولعله من حيث نسبتُ هذا اللفظ بخصوصه إليه صلى الله عليه وسلم، أما معناه فهو صحيح منسوب إليه صلى الله عليه وسلم أخذا من قول النووي في شرح مسلم إني لم أؤمر أن أنقب - الحديث المار انتهى، وقال السيوطي في الدرر المنتثرة أمرت أن أحكم بالظاهر إلخ، هو من كلام الشافعي<صفحة 222> في الرسالة انتهى، وقال ابن عبد البر في التمهيد أجمعوا علي أن أحكام الدنيا على الظاهر، وأن أمر السرائر إلى الله تعالى، وأغرب إسماعيلُ صاحبُ إدارة الأحكام فيما نقل عن مغلطاي، فقال إن هذا الحديث ورد في قصة الكندي والحَضْرمي اللذَيْن اختصما في الأرض، فقال المَقْضِيُّ عليه قضيت عليَّ والحق لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما أقضي، بالظاهر والله يتولى السرائر، قال في القاصد قال شيخنا ولم أقف على هذا، الكتاب ولا أدري أساق له إسماعيل المذكور إسناداً أم لا، وسيأتي في هذا حديث المسلمون عدول قول عمر إن الله تولى عنكم السرائر، ودفع عنكم بالبينات انتهى، وقال النجم والبخاري عن عمر إنما كانوا يُؤخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم. 586 - أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. رواه مسلم عن أبي هريرة، زاد: فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وفي لفظ عند الشيخين وأبي داود والترمذي أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، قال الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وهو متواتر. 587 - أما بعدُ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور مُحْدَثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكلُ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن جابر، واختلف في أول من نطق بـ "أما بعد" على أقوال: فقيل آدم، وقيل يعقوب، وقيل يعرُبُ بن قحطان، <صفحة 223>وقيل سَحبان بن وائل، وقيل كعب بن لؤي، وقيل قُس بن ساعدة، وقيل داود، وهو أقربها، وقد نظم ذلك بعضهم فقال: جرى الخلف "أما بعد" مَن كان ناطقا * بها عد أقوال وداود أقرب 588 - أمْرُ اللهِ على الرأس والعين. ليس بحديث، لكنه واجب الرضا به. 589 - الأمر إلى الله. ليس بحديث لكن معناه صحيح. 590 - أمَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نُنْزل الناسَ منازلهم. رواه مسلم تعليقا في مقدمة صحيحه، فقال ويُذْكَر عن عائشة قالت أمَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحديث، ووصله أبو نعيم في المستخرج، وأبو داود وابن خزيمة والبزار وأبو يعلى والبيهقي في الأدب، والعسكري في الأمثال، وغيرهم من حديث ميمون بن أبي شبيب أنه قال جاء سائل إلى عائشة، فأمرت له بكسرة، وجاء رجل ذو هيئة فأقعدته معها، فقيل لها لم فعلت ذلك؟ قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم، قال في اللآلئ وأغله أبو داود بأن ميمون لم يدرك عائشة، ورد عليه بأن ميمون هذا كوفي قديم أدرك المغيرة، والمغيرة مات قبل عائشة، ومجرد المعاصرة كاف عند مسلم، وقد حكم الحاكم بصحته وتبعه ابن الصلاح في علومه انتهى ما في اللآلئ، ورواه أبو نعيم في الحلية بلفظ: إن عائشة كانت في سفر، فأمرت لناس من قريش بغداء، فمر رجل غني ذو هيئة، فقالت ادعوه فنزل فأكل ومضى، وجاء سائل فأمرت له بكسرة، فقالت إن هذا الغني لم يجمل بنا إلا ما صنعناه به، وإن هذا السائل سأل، فأمرت<صفحة 224> له بما يترضاه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا - الحديث، ولفظ أبي داود أنزلوا الناس منازلهم، وقد صححه الحاكم وغيره، قال في المقاصد وتُعُقِّبَ بالانقطاع وبالاختلاف في رفعه ووقفه كما بسطت ذلك في أول ترجمة شيخنا مع الإلمام بمعناه، وورد عن غير عائشة أيضا كمعاذ، فروى حديثه مرفوعا الى الخرائطي في المكارم بلفظ أنزل الناس منازلهم من الخير والشر، وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة، كجابر فروى حديثه مرفوعا في جزء الغسولي بلفظ جالسوا الناس على قدر أحسابهم، وخالطوا الناس على قدر أديانهم وأنزلوا الناس على قدر منازلهم، وداروا الناس بعقولكم، وكعلي فروى حديثه موقوفا في تذكرة الغافلي بلفظ من أنزل الناس منازلهم رفع المؤونة عن نفسه، ومن رفع أخاه فوق قدره اجتزَّ عداوته، وبالجملة فحديث عائشة حسن، وقال في التميز وذكره الحاكم أبو عبد الله في كتابه معرفة علوم الحديث، وقال حديث صحيح. 591 - أمَك وأباك، وأختَك وأخاك، وأدناك أدناك. رواه البيهقي في الشعب عن ابن مسعود بلفظ أن أعرابيا قال يا رسول الله إني رجل موسر، وإن لي أبا وأما وأختا وأخا وعما وعمة وخالا وخالة، فآيُّهم أولى بصلتي فذكره، ورواه أحمد والحاكم وابن ماجه عن أبي رِمْثة التيميّ - تيْمِ الرَّبابِ - قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: ويقول يد المعطي العليا أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن معاوية بن حيدة وقال الترمذي حسن صحيح بلفظ: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب. 592 - أُمِرْنا أن نُكلِّمَ الناسَ على قدْر عقولِهم. رواه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عباس مرفوعا، وفي اللآلئ بعد عزوه لمسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعا قال وفي إسناده ضعيف ومجهول انتهى، وقال في المقاصد وعزاه الحافظ ابن حجر لمسند الحسن بن سفيان عن ابن عباس بلفظ<صفحة 225> أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم قال وسنده ضعيف جدا، ورواه أبو الحسن التميمي من الحنابلة في العقل له عن ابن عباس من طريق أبي عبد الرحمن السُلَمي أيضا بلفظ بُعْثِنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم، وله شاهد عن سعيد بن المسيب مرسلا بلفظ إنا معشر الأنبياء أمرنا وذكره، ورواه في الغنية للشيخ عبد القادر قدس سره بلفظ أمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم، وفي صحيح البخاري عن علي موقوفا حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله، ونحوه ما في مقدمة صحيح مسلم عن ابن مسعود قال ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة، وروي العقيلي في الضعفاء وابن السني وأبو نعيم في الرياضة وغيرهم عن ابن عباس مرفوعا ما حدث أحدكم قوما بحديث لا يفهمونه إلا كان فتنة عليهم، ورواه الديلمي أيضا من طريق حماد بن خالد عن ابن عباس رفعه لا تحدثوا أمتي من أحاديثي إلا ما تحمله عقولهم، فيكون فتنة عليهم فكان ابن عباس يخفي أشياء من حديثه، ويفشيها إلى أهل العلم، وللديلمي أيضا عن ابن عباس رفعه يا ابن عباس لا تحدث قوما حديثا لا تحتمله عقولهم، وروى البيهقي في الشعب عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بما يعزب عنهم ويشق عليهم، وصح عن أبي هريرة حفظت عن النبي صلي الله عليه وسلم وعاءَيْنِ: فأما أحدهما فَبَثثْتُهُ، وأما الآخر فلو بثثتُه لقُطع هذا البلعوم، وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا عاقبوا أرقاءكم على قدر عقولهم، وأخرجه الدارقطني عن عائشة مثله، وروى الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين عن أبي ذر مرفوعا خالقوا الناس بأخلاقهم، وأخرج الطبراني وأبو الشيخ عن ابن مسعود خالط الناس بما يشتهون، ودينك فلا تَكْلِمْهُ، ونحوه عن علي رفعه، خالق الفاجر مخالقة، وخالص المؤمن مخالصة، ودينك لا تسلمه لأحد، وفي حديث أوله خالطوا الناس علي قدر إيمانهم. <صفحة 226> 593 - أمةٌ مذنبة، ورب غفور. رواه ابن النجار في تاريخ بغداد، والرافعي في تاريخ قزوين عن أنس دخلت الجنة فرأيت في عارضَتَيِ الجنة مكتوباً ثلاثةُ أسطر بالذهب: السطر الأول لا إله إلا الله محمد رسول الله والسطر الثاني ما قدَّمْنا وجدِنَا، وما أكلنا ربِحْنا وما خلَّفنا خسرنا، والسطر الثالث أمة مذنبة ورب غفور. 594 - أُمِرْنا بتصغير اللقمة في الأكل، وتدقيق، المَضْغ. قال النووي لا يصح، وقال في المقاصد ويرد شقه الثاني رغبة بعض السلف في السويق، وقوله بين شرب السويق ومضغ الفتيت قراءة خمسين آية في أشباه هذا، ويمكن أن يكون موافقا للطب فيما يحتاج إلى المضغ، وقال النجم لكن نقل العَبَّاديُّ في طبقاته عن الشافعي أنه قال في الأكل أربع سنن: الجلوس علي اليسرى، وتصغير اللقمة، والمضغ الشديد، ولعق الأصابع؛ قال ابن العماد وهذا مخالف لما ذكر النووي، قلت وفي سنن ابن ماجه عن المقدام بن معدي كرب سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنٍ، حَسْبُ الآدمي لقيمات يقمن صُلبه، فإن غلبت الآدميَّ نفسه فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس، والحديث عند أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ولفظ أكثرهم: أكلات، فإن تصغير لقمات دليل واضح على استحباب تصغير اللقمة، ثم رأيت أبا طالب المكي استدل بهذا الحديث، فحمدت الله على موافقته انتهى. 595 - امسِحِ البأسَ، رب الناس، بيدك الشِفاء لا كاشفَ له إلا أنت. رواه البخاري في صحيحه عن عائشة في الرُقْيَة. <صفحة 227> 596 - أميرُ النَحْلِ علي. قال في المقاصد لا أصل له وإن وقع في كلام ابن سيدة في المحكم: اليعسوب أمير النحل، ثم كثر حتى سمَّوا كلَّ رئيس يَعْسُوباً، ومنه حديث عليّ هذا يعسوبُ قريش، وكذا في الأمثال للرامهرمزي عليٌ يعسوب المؤمنين، ورواه الطبراني من حديث أبي ذر وسلمان، وعند الديلمي من حديث الحسن بن علي، وقال ثعلب اليعسوب الذكر من النحل الذي يقدمها ويحامي عنها، قال علي: أنا يعسوب المؤمنين، وروى الديلمي عن الحسن مرفوعا يا علي إنك لسيد المسلمين: ويعسوب المؤمنين، قال النجم وأخرج الخطابي في غريبه عن أسيد بن صفوان، قال لما مات أبو بكر قام علي على باب البيت الذي هو مُسَجىَّ فيه، فقال كنت والله للدين يعسوبا: أولا حين نفر الناس عنه، وآخرا حين فَيَّلوا (أي حين فال رأيهم فلم يستبينوا الحق.) طرت بُعبابها، وفزت بحَبابها (أي سبقت إلى جمة الإسلام وأدركت أوائله وشربت صفوه وحويت فضائله. العُباب معظم الماء، مثله الحباب) وذهبت بفضائلها، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف؛ وفي ذلك دَمْغٌ لرؤوس الروافض. 597 - الإمامُ ضامن، والمؤذن مُؤْتَمن. رواه أبو داود وابن مَنيع والطيالسي وأبو يعلى عن أبي هريرة، وفي الباب عن عائشة ووائلة وسهل بن سعد، كذا في تخريج أحاديث مسند الفردوس للحافظ ابن حجر، وقال في فتح الباري روى السراج بسند صحيح: الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم ارشد الأئمة، واغفر للمؤذنين. 598 - أمتي أمةٌ مبارَكة، لا يُدْري أولُها خير أو آخِرُها. رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان مرسلا. <صفحة 228> 599 - أمتي أمة مرحومة، مغفور لها، مُتاب عليها. رواه الحاكم في الكِنى عن أنس، وهو منكر كما قال المناوي. 600 - أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب، في الآخرة، إنما عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل والبلايا. رواه أبو داود والطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي موسى رضي الله عنه. 601 - أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نَكفِتَ الثياب (أي جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود.) والشعر. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 602 - امْسِكْ عليك بعضَ مالك، فهو خير لك. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 603 - أََمِطِ الأذى عن الطريق، فإنه لك صدقة. رواه البخاري في الأدب عن أبي برزة رضي الله عنه. 604 - إملِكْ عليك لسانك، ولْيَسَعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتك. رواه الترمذي عن ابن عامر. 605 - أمينُ هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. رواه أحمد عن خالد بن الوليد. <صفحة 229> حرف الهمزة مع النون 606 - أنا ابنُ الذبيحَيْنِ. كذا في الكشاف، قال الزيلعي وابن حجر في تخريج أحاديثه لم نجده بهذا اللفظ، وقال في المقاصد حديث ابن الذبيحين رواه الحاكم في المناقب من مستدركه من حديث عبيد الله بن محمد العتبي قال حدثنا عبد الله بن سعيد عن الصنابجي قال حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ابنَيْء إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، فقال بعضهم الذبيح إسماعيل، وقال بعضهم بل إسحاق؟ فقال معاوية سقطتم على الخبير، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي يشكو جدب أرضه يا رسول الله خلفت البلاد يابسة، والماء يابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه، فقلنا لمعاوية من الذبيحان يا أمير المؤمنين؟ فقال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل له أمرها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم وأسهم بينهم، فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم، وقالوا له أرْضِ ربَّك، وافْدِ ابنك، ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح، وإسماعيل الثاني، انتهى مع زيادة، وقال في المواهب وشرحها للزرقاني وعند الحاكم في المستدرك وابن جرير وابن مردويه والثعلبي في تفاسيرهم عن معاوية ابن أبي سفيان قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي، فقال يا رسول الله خَلَّفتُ البلاد يابسا، والماء يابسا، وفي نسخة الكلأ يابسا، وخلفت المال عابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد عليَّ مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقوّيه بتعدد طرقه انتهى، وأقول فحينئذ لا ينافيه ما نقله الحلبي في سيرته عن السيوطي أن هذا الحديث غريب، وفي إسناده من لا يعرف انتهى، وفيه دليل على أن الذبيح إسماعيل، وهو الصحيح، وفي الهدي لابن القيم: إسماعيل <صفحة 230 >هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم، وأما القول بأنه إسحاق فمردود بأكثر من عشرين وجها ونقل عن الإمام ابن تيمية أن هذا القول متلقى من أهل (من قوله "عشرين" إلى "أهل الكتاب" ساقط من الأصل فاستدركناه من "جنى الجنتين في تميز نوعي المثنيين"، للمحبي. وقد بسط الكلام على الذبيحين بأضعاف ما ورد هنا.) الكتاب مع أنه باطل في كتابهم، فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بِكْرَه، وفي لفظ وحيده، وقد حرفوا ذلك في التوراة التي بأيديهم "اذبح ابنك إسحاق". ولبعضهم وقد أجاد: إن الذبيح، هُدِيتَ، إسماعيل * نطق الكتاب بذاك والتنزيل شرفٌ به خَص الإلهُ نبيَّنا * وأبانه التفسير والتأويل 607 - أنا أعرفكم بالله، وأخوفكم منه. قال في المقاصد قال شيخنا صحيح، وقد ترجم البخاري في صحيحه بقوله صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله، وأورد في الباب عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول إنّ اتقاكم وأعلمكم بالله أنا، ولفظ ترجمة البخاري لأبي ذر أنا أعرفكم بالله، وكأنه مذكور بالمعنى بناء على ترادفهما، وعليه البخاري، وله أيضا في باب من لم يواجه الناس بالعتاب من الأدب عن عائشة قالت صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فترخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله، ثم قال ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله عز وجل، وأشدهم له خشية؛ وللحاكم عن عائشة مرفوعا في حديث قد علموا إني أتقاهم لله وإداهم للأمانة. 608 - أنا أكرم على الله من أن يتركني في التراب ألف عام. قال الصغاني موضوع. <صفحة 231> 609 - أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش. قال في اللآلئ معناه صحيح، ولكن لا أصل له كما قال ابن كثير وغيره من الحفاظ، وأورده أصحاب الغريب، ولا يعرف له إسناد، ورواه ابن سعد عن يحيى بن يزيد السعدي مرسلا بلفظ أنا أعربكم أنا من قريش، ولساني لسان سعد بن بكر، ورواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري بلفظ أنا أعرب العرب، ولدت في بني سعد، فأنىّ يأتيني اللحن؟ كذا نقله في مناهل الصفا بتخريج أحاديث الشفا للجلال السيوطي، ثم قال فيه والعجب من المحلى حيث ذكره في شرح جمع الجوامع من غير بيان حاله، وكذا من شيخ الإسلام زكريا حيث ذكره في شرح الجزرية، ومثله أنا أفصح العرب بَيد أني من قريش، أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده انتهى. 610 - أنا وأمتي بَراءٌ من التكلف. قال في الدرر قال النووي لا يثبت، وروي البخاري عن عمر قال "نهينا عن التكلف"، وفي مسند الفردوس من حديث الزبير بن العوّام: "إني بريء من التكلف، وصالحو أمتي". انتهى. وقال في اللآلئ بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت: قلت روي البخاري عن أنس أنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال "نهينا عن التكلف". 611 - أنا جليسُ من ذكرني. رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا، وعند البيهقي في الشعب عن أُبَي بن كعب قال قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب أقريب أنت فأناجيك أو بعيد فأناديك؟ فقيل له يا موسى أنا جليس من ذكرني، ونحوه عند أبي الشيخ في الثواب عن كعب والبيهقي أيضا في موضع آخر أن أبا أسامة قال لمحمد بن <صفحة 232>النضر أما تستوحش من طول الجلوس في البيت؟ فقال ما لي أستوحش وهو يقول أنا جليس من ذكرني، وأخرجه أبو الشيخ عن محمد بن نضر الحارثي، أنه قال لأبي الأحوص أليس تروي أنه قال أنا جليس من ذكرني فما أرجو بمجالسة الناس؟ وعند البيهقي معناه في المرفوع عن أبي هريرة أنه قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل قال أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه، ورواه الأوزاعي عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا، والمرفوع أصح، ورواه الحاكم وصححه عن أنس بلفظ قال الله تعالى عبدي أنا عند ظنك بي، وأنا معك إذا ذكرتني. 612 - أنا ربُ الشام مَن أرادها بسوء قصَمْتُه. هكذا اشتهر علي الألسنة كثيرا، ولم أر من ذكره وبيَّن حاله، واشتهر أيضا "ويكِ أم الجبابرة، من أمك بسوء قصمته". والخطاب لدمشق، ولعلهما من الإسرائيليات. ويؤيد الثاني ما ذكره ابن رجب في كتابه حماية الشام أن دمشق لما فتحت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجدوا حجرا في جيرون مكتوبا عليه باليونانية، فجاؤوا برجل يوناني، فقرأه فإذا فيه مكتوب: <دمشق جبارة لا يهم بها جبار إلا قصمه الله، الجبابرة تبني، والقرود تخرب الأخراش إلي يوم القيامة. > انتهى. ثم قال فيها أيضا: وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر بسنده عن يحيى بن حمزة قال: قدم <عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس> دمشق، وحاصر أهلها، فلما دخلها هدم سورها فوقع منها حجر كان عليه مكتوب باليونانية: <ويك أمَّ الجبابرة، من رامك بسوء قصمه الله، إذا وَهَى مِيلُ جيرون الغربي من باب البريد، ويلك من الخمسة أعين، نَقضُ سورِكِ على يديه بعد أربعة آلاف، تعيشين رغدا فإذا وَهَى مِيلُ جيرون الشرقي أذيل لك بمن تعرض لك. > قال فوجدنا الخمسة أعين: عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب انتهى. <صفحة 233 > 613 - أنا عند ظن عبدي بي. رواه الشيخان عن أبي هريرة رفعه، وللبيهقي عن أبي هريرة أيضا رفعه بلفظ أمر الله عز وجل بعبدين إلى النار، فلما وقف أحدهما على شفتها التفت، فقال أما والله إني كان ظني بك لحسن، فقال الله عز وجل ردوه، فأنا عند ظنك بي فغفر له، وفي لفظ ردوه أنا عند حسن ظن عبدي بي، وعزاه ابن الجزري في الحصن الحصين للشيخين بلفظ أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني ذكرته فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وروى أبو الشيخ عن أبي هريرة أيضا مرفوعا بلفظ العبد عند ظنه بالله، ولابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ يا أيها الناس أحسنوا الظن برب العالمين، فإن الرب عند ظن عبده به، وقال النجم رواه أحمد وابن حبان وابن ماجه عن وائلة بلفظ قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله، وتقدم آنفا في حديث أنا جليس من ذكرني. عن أنس بلفظ قال الله تعالى عبدي أنا عند ظنك بي، وأنا معك إذا ذكرتني، ولابن أبي الدنيا تأليف في حسن الظن بالله. 614 - أنا عند المنكسرة قلوبُهم من أجلي. قال في المقاصد ذكره في البداية للغزالي، وقال القاري عقبه: ولا يخفي أن الكلام في هذا المقام لم يبلغ الغاية. قلت وتمامه: "وأنا عند المندرسة قلوبهم لأجلي"، ولا أصل لهما في المرفوع. انتهى. 615 - أنا جدُ كل تقي. تقدم في آل محمد كل تقي أنه لا يعرف. 616 - أنا سيدُ ولدِ آدم يوم القيامة. رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة من حديث، وهو عند أحمد والترمذي<صفحة 234> وابن ماجه عن أبي سعيد في حديث بزيادة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، ولا فخر، وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر، وعند الترمذي عن أنس أنا أول من تنشق عنه الأرض، فأكسى حُلة من حُلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش، ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري، وفي الفتوحات للشيخ الأكبر في الباب العاشر ما نصه اعلم أنه ورد في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا سيد ولد آدم ولا فخر - بالراء، وفي رواية بالزاي وهو التبجح بالباطل انتهى فاعرفه. 617 - أنا سيدُ الناس يوم القيامة. رواه البخاري عن أبي هريرة، وروى البيهقي أنا سيد العالمين. 618 - أنا مدينة العلم، وعلي بابها. رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في السنة وغيرهم كلهم عن ابن عباس مرفوعا مع زيادة فمن أتى العلم فليأت الباب، ورواه الترمذي وأبو نعيم وغيرهما عن علي بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وهذا حديث مضطرب غير ثابت كما قاله الدارقطني في العلل، وقال الترمذي منكر، وقال البخاري ليس له وجه صحيح، ونقل الخطيب البغدادي عن يحيى ابن معين أنه قال إنه كذب لا أصل له، وقال الحاكم في الحديث الأول إنه صحيح الإسناد، لكن ذكره ابن الجوزي بوجهيه في الموضوعات، ووافقه الذهبي وغيره وقال أبو زرعة كم خلق افتضحوا فيه، وقال أبو حاتم ويحيى بن سعيد لا أصل له، لكن قال في الدرر نقلا عن أبي سعيد العلائي الصواب أنه حسن باعتبار تعدد طرقه، لا صحيح، ولا ضعيف؛ فضلا أن يكون موضوعا، وكذا قال الحافظ ابن حجر في فتوى له، قال<صفحة 235> وبسطت كلامهما في التعقبات على الموضوعات انتهى، وقال في اللآلئ بعد كلام طويل والحاصل أن الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشَريك إلي درجة الحسن المحتج به انتهى، وقال في شرح الهمزية لابن حجر المكي عند قولهما *كم أبانت عن علوم* أنه حسن، خلافا لمن زعم وضعه انتهى، وقال في الفتاوى الحديثية رواه جماعة وصححه الحاكم وحسنه الحافظان العلائي وابن حجر انتهى. وقال ابن دقيق العيد لم يثبتوه، وقيل أنه باطل، وهو مشعر بتوقفه فيما قالوه من الوضع، بل صرح العلائي بذلك، فقال وعندي فيه نظر، ثم بين ما يشهد لكون أبي معاوية حدث به عن ابن عباس وهو ثقة حافظ يحتج بأفراده كابن عيينة وأضرابه، قال فمن حكم على الحديث مع ذلك بالكذب فقد أخطأ، وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو كحديث أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، فليس الحديث بكذب، لاسيما وقد أخرج الديلمي بسند ضعيف جدا عن ابن عمر أنه قال علي بن أبي طالب باب حطةَّ فمن دخل فيه كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا، وأخرجه أيضا عن أبي ذر رفعه بلفظ علي باب علمي، ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة، ورواه أيضا عن ابن عباس رفعه أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين خيوطه، وروى الديلمي بلا إسناد عن ابن مسعود رفعه، أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها، وعلي بابها، وروي أيضا عن أنس مرفوعا أنا مدينة العلم، وعلي بابها، ومعاوية حلقتها، قال في المقاصد وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس بل هو حسن، وقال النجم كلها ضعيفة واهية، وقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم من حديث حبشي بن جنادة مرفوعا: علي مني، وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي، وليس في هذا كله ما يقدح في إجماع أهل السنة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أن أفضل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر، وقد قال ابن عمر كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌ أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان، فيسمع <صفحة 236>ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره، بل ثبت عن علي نفسه أنه قال خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم رجل آخر، فقال له ابنه محمد بن الحنفية ثم أنت يا أبت، فقال ما أبوك إلا رجل من المسلمين.
|